يعتبر الزواج بالجزائر من الروابط المقدسة التي يولي لها أغلب الجزائريين أهمية بالغة، فيما يخص اختيار شريك الحياة لبناء أسرة وتقاسم أعباء الحياة، سواء كانت هذه الأهمية من الناحية الدينية أم من ناحية عادات كل منطقة، غير أنه في مقابل ذلك، برز ما يعرف بالزواج العرفي بشكل متزايد في العديد من المناطق بالجزائر خلال السنوات الأخيرة مع تعدد الأسباب لهذا الزواج، الذي يبقى محرما في بعض جوانبه من الناحية الشرعية.
على غرار مدينة حاسي مسعود، فقد تزايد هذا الزواج بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بالمنطقة. وهذا نظرا إلى وجود عدة أسباب، من بينها الطابع الصناعي للمنطقة، خاصة ما تعلق بوجود عمال وعاملات بمختلف الشركات العاملة بالمنطقة، قدموا من مختلف ولايات الوطن. وهو ما صرح به العديد من سكان المنطقة لـ « الشروق »، في وقت سابق، إضافة إلى ظروف العمل الصعبة والبعد عن الأهل، حيث إن أغلب الحالات التي تم تسجيلها كلها تتم بين عمال وعاملات الشركات بالمنطقة. وهذا طبعا يخضع لكل الظروف الاجتماعية التي تحيط بهؤلاء بعكس بعض المناطق من الوطن حيث تتم هذه الحالات بين شباب طائش لدواعي الرغبة الجنسية وعدم احتمال المسؤولية لتكوين الأسرة، وهذا بسبب استيراد الأفكار من الدول الغربية عبر نقل هذه العادات الهدامة بمختلف وسائل الإعلام والمسلسلات والأفلام، التي أصبحت من العادات المستوردة في وقت قصير فقط، هذا، وقد تم تسجيل العديد من حالات الزواج العرفي، كل حالة والظروف المحيطة بها بالمدينة، بحسب العديد من الرويات ممن حضروا هذا الزواج، حيث إنه في الغالب يتم الاستعانة بشاهدين موثوق بهما لتتم مراسم الزواج في غياب الشروط الأخرى كموافقة ولي الأمر إضافة إلى العقد الشرعي والترسيم في وثيقة رسمية، في حين توجد حالات محدودة يتم من خلالها وجود شاهدين وولي الأمر حيث تكتمل كل الشروط سوى توثيق هذا العقد وإشهاره.
ويرى البعض أن توفر شرط موافقة الولي يجعل من الزواج صحيحا من الناحية الدينية بعكس الحالة الأولى التي يكون فيها الزواج محرما نظرا إلى انعدام الشروط المذكورة.
وفي نفس السياق، توجد حالات يتم من خلالها اللجوء إلى الزواج العرفي تمهيدا للزواج بامرأة ثانية وهذا بسبب وجود شرط في إتمام العقد وهو موافقة الزوجة الثانية، ما يجعل العديد من هؤلاء يتسترون على هذا الزواج.
وقد أفادت مصادر ذات صلة ومطلعة بأن هذا الزواج بمدينة حاسي مسعود شهد تزايدا ملحوظا بعكس السنوات الماضية، حيث كانت توجد فيه حالات محدودة، لكن المشكل المطروح الذي يشكل عائقا كبيرا لهذا الزواج هو صعوبة تسجيل أبناء هؤلاء، سواء بالبلدية أم على مستوى المدارس، بل يستحيل على هؤلاء في حالات شائعة اعتراف السلطات المعنية بهوية هؤلاء الأبناء نظرا إلى غياب عقد الزواج والشروط الأخرى. وهو ما صرح به بعض مديري المدارس بالمنطقة حيث تلقوا بعض الطلبات لتسجيل أبناء هؤلاء للدراسة دون جدوى من ذلك.
ويبقى هذا الزواج يشكل في حالات كثيرة تهديدا حقيقيا لتوازن المجتمع واختلاطا للأنساب وتشتتا للأسر، خاصة إذا لم يقم هؤلاء بتصحيح هذا الزواج مبكرا عبر الأحكام القضائية بعد إثبات هذا الزواج وترسيمه بالبلدية.