تكلف واردات مواد التجميل الخزينة العمومية سنويا ربع مليار دولار، أي 250 مليون دولار، واستيراد الشامبو والغسول والكريمات المرطبة 890 مليون دولار والعطور 30 مليون دولار و8 مليون دولار زيوت طبيعية، وفقا لإحصائيات متواجدة على طاولة الجمعية الوطنية للمصدرين أي بإجمالي 1.2 مليار دولار.
وتكشف خلفيات القرار الأخير المتخذ من طرف الحكومة، ممثلا في تسقيف واردات مواد التجميل والعطور والغسول، عبر إدراجها في قائمة المواد المعنية برخص الاستيراد غير التلقائية، ووقف التوطين البنكي لهذه المواد برسم سنة 2017، إلى غاية تحديد « كوطة » استيرادها وفقا لتعليمة الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية، هدر مبالغ مالية طائلة لاستيراد مواد معظمها مقلدة ومغشوشة أو نسخة غير أصلية.
وأمرت الحكومة مؤخرا بضرورة رفع نسبة الإدماج في إنتاج هذه المواد وذلك في لقاء جمع الوزير الأول عبد المجيد تبون ووزيري التجارة والمالية وممثلين عن قطاع التصدير قبل 3 أيام، وهذا في إطار سياسة ترشيد النفقات القائمة بالدرجة الأولى على تشجيع الإنتاج المحلي وتقليص الواردات وتخفيف العجز عن الميزان التجاري، الذي شهد انفجارا خلال السنتين الماضيتين.
ويؤكد خبير التجارة الخارجية ورئيس جمعية الجزائر استشارات للتصدير، إسماعيل لالماس في تصريح لـ »الشروق » أن قرار فرض رخص استيراد غير تلقائية لا يعني منع استيراد الغسول ومواد التجميل أو تسجيل ندرة في هذه المواد في السوق الوطنية، بقدر ما هو تنظيم لهذه التجارة وإعطاء فرصة لبروز المنتوج المحلي وفرض مكانته في السوق الوطنية، خاصة أن الكثير من العلامات استطاعت أن تستعرض إنتاجا مطابقا خلال السنوات الماضية.
وتتطلب رخص الاستيراد حسب لالماس، تنظيما جيدا ومدروسا للعملية وتحديد احتياجات السوق وفرض الجودة والنوعية على المواد التي تدخل من الخارج، ومحاصرة كافة مواد التجميل المغشوشة والمقلدة والتي تستنزف الملايير سنويا لتسبب السرطان وأمراضا جلدية.
وأضاف رئيس جمعية استشارات تصدير، أن هذا القرار سيسمح بتحديد مستوردي مواد التجميل ومعرفتهم وضبط تسويق هذه المواد وتشجيع الاستثمار في هذا المجال الذي لا يزال بحاجة إلى استحداث مصانع ووحدات إنتاجية، وإبرام شراكات، ولم لا يقول لالماس، قدوم أكبر العلامات والماركات العالمية للإنتاج في الجزائر، وبلوغ مستقبلا وبعد تحقيق الاكتفاء الذاتي مستوى التصدير، خاصة أن الإنتاج المحلي اليوم لا يزال ضعيفا، فالمنتجون يعدّون على الأصابع حسبه.
في حين كشف عن مصانع أخرى ومخابر تمارس النشاط بطريقة سرية وغير قانونية في الجزائر، عبر تقليد العلامات الدولية، مشددا في هذا الإطار على إمكانية استدراج أصحابها وضمهم للسوق الرسمية، وجعلهم يشتغلون بطريقة قانونية.
وغير بعيد عن ذلك، حذر لالماس من عودة الاستيراد عبر « الكابة » أو تجارة « الطراباندو » لتمرير مواد التجميل والعطور للسوق الجزائرية بطرق غير قانونية، وحتى من دون تسديد الرسوم والضرائب المفروضة على المستوردين النظاميين، مطالبا بتشديد الرقابة عبر الموانئ والمطارات وحتى الطرق البرية، خلال المرحلة المقبلة، فهؤلاء حسبه يحولون العملة في السوق السوداء ويمررون السلع بطريقة غير رسمية للسوق الوطنية أي عن طريق « التهريب ».