وجه أستاذ مغربي، رسالة جريئة إلى الملك محمد السادس، حيث اتهمه فيها إياه بالفساد وبالإغتناء مع أفراد عائلته من ثورات البلاد على حساب الشعب المغربي. وندد عبد الرحيم ادوصالح وهو وناشط بارز في الحركة الامازيغية بالمغرب، في رسالة تداولها المغاربة على نطاق واسع، بالممارسات القمعية التي يقوم بها نظام المخزن والتصرفات غير المقبولة التي تصدر من ملك المغرب، قبل أن يدعوه صراحة للرحيل، مؤكدا أن فترة عصيبة بإنتظار نظام المخزن.
وفيما يلي النص الكامل للرسالة:
من السيد عبد الرحيم ادوصالح، مواطن مغربي، يشغل أستاذا لمادة الفلسفة.
الى السيد محمد العلوي، مواطن مغربي يشغل منصب ملك المغرب.
أما بعد،
متجاوزا لكل الپروتوكولات و المساطر، غير آهبٍ بمفاهيم المقدس أو المُتعالي، أُراسلكم اليوم معتبرا إياكم مواطنا مغربيا من نفس درجة مواطَنة الحداد أو الوزير، الإسكافي والمهندس، الطبيب أو الحداد، الراعي أو الأستاذ، أتوجه إليكم حاملا لأمل في لحظة تقفون فيها مع أنفسكم، تقَيِّمون فيها تجربتكم في الحكم و السيادة، برسالتي هذه أسائلكم دون انتظار جواب، بل رغبتي تكمن في أن تعلموا أن لحظات ارتجاج تنتظر هذا الوطن، يهتز فيها ما اعتبرتموه مستقراً، وأردتموه استثناء، وما نحن لذلك من الراغبين، وما كنا له منتظرين.
أيها السيد، إن مبدأ الإنسانية يفرض على الشخص أن يعامل الآخر كإنسان، يعامله كما يعامل نفسه، فأنت الشخص و نحن الآخر، فلا تَتَرَفَّعْ و لا تَنْتَحل السمو، بل اهبط فإنك من هذه الأرض، وتحيا بما تجود به عليك، وتعيش على عرق جبين ضعافها، فإليك أن تعترف بجميل أناس نكل بهم السابقون عنك، وفتكوا بأُسرهم كي تأتي أنت اليوم وتصبح ما أنت عليه، ملكاً وأبناؤك أمراء، وأهلك أمراء، أثرياء، تملكون كل شيء، وتُسخرون كل شيء، تسافرون، تحتفلون ترقصون، تغنون وتفرحون في أي مكان أردتم ومع من أردتم ومتى شئتم، وبالطرق التي تختارون، فأغفلتم عُنْوةً شعبا فقيرا مريضا أميا مهمشا، يقتات بعضه على بعض، وتحت بركاتكم.
أيها الرجل، دعنا نعيش بكرامة في وطننا، فانت مجرد إنسان لك بطن مثل بطوننا، وأمعاء مثل أمعائنا، ونحب السعادة كما تحبها، فلا تأخذها وتحرمنا، ولا تُسعد فؤادك وتتكل أفئدتنا، دعنا منك ولا تقف بيننا وبين الحياة، فإننا نؤمن بها، نعشقها ونحبها، دعنا عنك واصرف عنا الجشع فإننا لم نعد قادرين على الاحتمال.
أيها الإنسان الحاكم، كيف يسعدك أن ترى أبناء وطنك يرمون بأنفسهم بين أمواج بحر مظلم من أجل كسرة خبز؟ كيف يسعدك ان تراهم يموتون في المستشفيات دون رقيب؟ كيف تسمح لنفسك أن تُدرِّس ابنك في حجرة هو وثلاتة من زملائه، وأنت العالم بحال التعليم في وطنك: اكتضاض ورداءة ، وعشوائية في التدبير؟! و مع ذلك جعلت إعلامك يتحدث عنك گـ »ملك الفقراء » !!!! بهتان وافتراء.
أتعلم، أننا قد ضقنا درعا بإهاناتك لنا؟ أننا نشمئز من الصورة التي تُقدمنا بها للعالم؟ إنك تقول بها أننا عبيد لك حين تجعل من يمثلوننا يركعون أمامك ويقبلون يدك!!! لسنا عبيدا كي نركع لك! لست سيدا علينا حتى نُقَبِّل يداك! لست إلها كي نذكرك في مجالسنا: إنك خادم هذا الشعب، فابق في مكانك ما دُمتَ قد اخترتَ ذلك.
لقد تفننَتْ مؤسساتك في تدجين الشعب وجعله أميا لا يفقه ما له من حقوق وما لكم من واجبات اتجاهه، يجهل ثرواته وما تزخر بها ارضه، يجهل هولديناتكم الكبرى المتحكمة في كل ما كان نفيس فوق هذه الارض وتحثها، في بحرها وبما في سمائها، جعلتم الشعب يتلهى بقضايا أخرى كي يجهل رساميلكم وودائعكم في بنوك العالم المتقدم، كي يجهل الشعب قصوركم ونمط عيشكم الملكي، وملايير الدراهم لتسيير وزارة بلاطاتكم وتمويل أوْسمتكم التي تمنحونها للمتملقين، وتشريفاتكم التي يحظى بها أشباه المثقفين، من أسميهم « راقصات الملوك »، لأن فرائصهم ترتعد لما يقفون أمامكم!!! فيرقصون لكم…
أموال تصرفونها على بذخكم ومن أفراد شعبي من يموت دون مأوى، أو من يموت في مستشفيات الوطن: مقابر الفقراء!
أيها الملك، يكفيك ما أخذت وما أكلت واستمتعت، إرفع يدك فإنك قد تحاسَبُ يوما أمام أنظار الجميع، فلا تجد لك نصيرا ولا معينا.
دعنا من خطابات مؤسساتكم التي تدعي أن الحكومات مسؤولة عن الأوضاع، وقد وكلتم لها المهام فلم تقم بعملها، لتكون النتيجة أن الخطأ خطأ الشعب الدي لم يحسن « اختيار » من ينوبون عنه في التسيير !!! إنه يا ابن الحسن ضحك على الدقون واستهتار بنا وبقدراتنا من الفهم والادراك! فهل أصلا في المغرب مؤسسات من دون مؤسستكم والجيش ؟؟ فأنت الملك والقائد الأول !! الوزير الاول ! الرياضي الاول !! المعلم الاول !! الأول !! الأول…..لكنك تختفي عند المحاسبة، غريب جدا !! إنك أنت كل شيء وجعلت تحت أياديك كل شيء فكنت فوق كل إرادة للشعب، و جعلت الوطن ضيعة لك ولأقربائك وذويك، فالأزمة منك ومن تصرفاتك وبذخك وإسرافك دون رقيب ولا حسيب، وكيف يكون لك رقيب وأنت سيد على كل المراقبين؟ فهل يخالفونك يوما ؟؟؟؟
يا محمد، لا أنت ولا حكومتك، أو حكوماتكم، كنتم يوما الى جانب الشعب! بل كنتَ أنت المستفيد، وكان أشباه المنتخبين عبيدا لك، وظيفتهم الوحيدة تقديم الولاء لك، وشرعنة لأفعالك وتبرير لها، وتغطية على مصالحك وحفاظ عليها، فكان الشعب آخر همكم، إلا في أعيادكم حين يتسلطون ويرغموننا على النظر الى لافتات في الشوارع تمجدكم، وصوركم تملأ الجنبات!!
هذه دولتكم/ضيعتكم وهم عبيدكم لا غير !
سيدي المسؤول إن رسالتي ليست استجلاء لعطفك ولكرمك على الشعب، لأن ما على ارض الشعب يبقى للشعب، إن ما اريده هو أن ترفعوا أياديكم عن ثرواته، وتشاركوه فيها، فهو يريد الحياة !!!
كما أردت برسالتي إخباركم يا ابن الحسن بأن هناك فئة من مواطني هذا الشعب لم تستطيعوا أن تستغفلوها أو تمرر عليها مؤسساتكم اكاذيبها، فنحن أناس لم يؤثر فينا إعلامكم ولا خطبكم ولا خرجاتكم الموسمية ولا دعوات أئمة مساجدكم « المستخدمون لديكم » ، فليس أن تحضر الصلاة ويدعو لك الإمام بكاف كي تثبت ورعك وثقواك، لكني أعرف أن الفقيه موظف لديك، تملي عليه ما تشاء وكيفما تشاء، فينطق ويردد، وبضاعتكم تُرد إليكم : أشْهَدُ لكم بالكفاءة في التمثيل.
أيها الملك، لا مشكلة لدينا مع نظام الحكم بل مع طبيعته، فليس الاستبداد لصيقا بالملكية، ولا الديموقراطية مرتبطة بالجمهورية، بل بطبيعة القوانين التي تحكم الملك أو الرئيس، لكني لم أجد في قوانين وطني ولو مادة تُحمل المسؤول الأول في البلاد مسؤولية ما، أو تبين عقوبة من العقوبات التي يمكن أن ينالها إذا ما أخل بإحدى مسؤولياته اتجاه شعبه، لهذا وجب تغيير هذا الواقع، فتصبح مواطنا مثلنا، تقف أمام المحكمة إذا تجاوزت حدودك واعتديت على حق أحد.
يا محمد، إننا نريد وطنا آمنا تتكافؤ فيه الفرص للجميع، ويشارك الجميع في تسييره، نريد وطنا يسع الجميع، ويُحَاسَب فيه الجميع، نريد وطنا نبتغي فيه للفساد أن يسقط أينما كان، وإن كان في عقر قصور الحاكمين، أقصد في عقر قصرك، إنك أنت صاحب البيت فلا تتعمد استغفالنا وتوحي لنا بأنك مستقيم تحيط به شردمة المفسدين، فإننا نعلم أن بيدك كل شيء، وتعلم كل شيء.
فلتصبح إذن ملِكاً للمواطنين، ولتعط الناس ما لهم، ولترفع أياديك عن ثرواتنا، فقد تضيع علينا فرصة العيش في بلد آمن!
تمنياتي أن أكون قد أوصلت المبتغى لسُدَّتكُم العالية برقاب أبناء الشعب.
تحياتي.
توقيع : عبد الرحيم إدوصالح
* ملاحظة: حين أناديكم في رسالتي بسيدي، فإن ذلك من دواعي احترام المرسِلِ للمرسَل إليه حتى ولو كان صبيا صغيرا، وليس تبجيلا أو تقديسا لكم.