أصدر صندوق النقد الدولي، الأحد، تقريرا أسود عن الوضع الاقتصادي العام في الجزائر. وطالب، تزامنا مع زيارة مسؤول البنك الدولي لمنطقة المغرب العربي وغرب آسيا إلى الجزائر، برفع الدعم بطريقة تدريجية عن المواد الاستهلاكية، وفرض ضرائب جديدة فورية على الجزائريين. كما دعا إلى تأجيل الاستدانة إلى عام 2019.
ونصح صندوق النقد الدولي برفع الدعم تدريجيا عن المواد الاستهلاكية، وتقليص النفقات الحكومية وزيادة الضرائب على الدخل والشركات والقيمة المضافة، بهدف تحسين المالية العامة وتجنّب الاستدانة الخارجية وتأجيل أزمة السيولة النقدية إلى عام 2019، في انتظار تحسّن أسواق النفط العالمية. وتشمل هذه النصائح والإملاءات كل حكومات شمال إفريقيا، التي يحضّها الصندوق على الإسراع في اعتماد آليات الضريبة وتقليص الإنفاق العام والتحكم في مصاريف القطاع العام ووقف التوظيف إلا للضرورة، بهدف تحقيق نمو أعلى ومعالجة الخلل الاجتماعي الذي قد يشكل تهديدا على المدى المتوسط.
وطالب صندوق النقد الدولي حكومات شمال إفريقيا، بما فيها الجزائر، بإصلاحات مالية عاجلة في الموازنات المقبلة، واعتماد أنظمة ضريبية حديثة، وإصلاح أنظمة التقاعد ورفع الدعم عن الأسعار، لتعزيز أداء الاقتصاد المحلي وتحسين أوضاع المواطنين الاجتماعية، وتجاوز الصعوبات التي ترافقت مع الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية في منطقة البحر الأبيض المتوسط التي تعاني، إلى جانب بطالة الشباب، من مآسي الهجرة التي أرجعها إلى أسباب أمنية واقتصادية، حسب نفس التقرير.
وتوقّع « الأفامي » نسب نمو ضعيفة في كل من تونس والجزائر وليبيا، مع تحسّن في أداء اقتصادي المغرب ومصر، حيث سيتجاوز معدل النمو 4 بالمائة خلال العام الحالي. وعلى رغم اختلاف الأسباب، فإن المنطقة المغاربية تبقى أقل جذبا للاستثمار والسياحة مقارنة بالسنوات السابقة، إذ تراجعت التدفقات الاستثمارية من 17 مليار دولار عام 2012 إلى 11 .5 مليارا عام 2014، وبلغت 4،8 ملايير دولار في مصر ونحو أربعة ملايير في المغرب، لكنها تقلصت في الجزائر من 2.6 ملياري دولار إلى 1.5 مليار، وفي تونس من مليار دولار إلى 110 مليون، وهي مرشحة للتراجع أكثر هذه السنة.
وقال مدير المغرب العربي وغرب آسيا في البنك الدولي، جان فرنسوا دوفان، الذي زار الجزائر بداية من أمس: « انهيار أسعار النفط أثر سلبا على الاقتصاد الجزائري، والوضع مرشّح للاستمرار لفترة طويلة، ما يتطلب إصلاحات عاجلة وعميقة لتنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على عائدات النفط ».
وتعتمد الجزائر بنسبة 97 بالمائة من العائدات و60 بالمائة من مصادر الموازنة على إيرادات الغاز، وتحتاج إلى إنفاق عشرات الملايير من الدولارات سنويا لدعم أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية الأساس، ما فاقم عجز الموازنة الذي تجاوز 22 بالمائة، والميزان التجاري الذي يعاني عجزا بنحو 15 بالمائة من الناتج المحلي، وتحتاج الجزائر 42 مليار دولار لاستكمال النفقات المقررة في الميزانية أو إلغاء عشرات المشاريع الكبرى خلال العام الحالي، استنادا إلى نفس التقرير.