كان للضربة الارهابية التي شهدتها مدينة سوسة في موفى جوان الماضي ومن قبلها ضربة باردو تداعيات خطيرة على السياحة التونسية التي تراجع عدد الوافدين اليها بنِسَب تصل في بعض النزل الى 80 بالمائة مما تسبب في إغلاق عدد منها وتسريح مئات العمال.
تراجع عدد السياح في تونس بنِسَب مفزعة مما جعل الامال تتجه نحو الاشقاء من الجزائر والسياحة الداخلية.
«الشروق» انتقلت الى منطقة الحمامات ورصدت وضع عدد من النزل وتراجع حركة السياح في هذه المدينة التي كانت في مثل هذه الفترة من السنوات الماضية لا تهدأ.
تراجع كارثي
خلال حديثنا الى مسؤول بأحد نزل الحمامات لم يخف ان الوضع كارثي ويأمل في ان تتحسن المؤشرات بعد العيد. مضيفا ان احد النزل المجاورة الذي يعمل مع حرفاء من انقلترا وألمانيا كان في مثل هذه الفترة يعج بـ600 سائح في حين لا يتجاوز عدد حرفائه اليوم 60 حريفا ولاحظ ان عدد حجوزاته تراجع الى 90 بالمائة. وأضاف أن هناك صعوبات كبيرة يعيشها القطاع السياحي زادت في تعميقها الصورة السلبية التي حملها السياح عن تونس والتي ساهمت بشكل كبير في تراجع عدد الوافدين منذ بداية الموسم .وذكر ان نزلا اخر لم يكن يتراجع عدد حرفائه حتى في الشتاء عن 250 سائحا لا يتجاوز اليوم حرفاؤه 70 سائحا في حين لم يكن ممكنا الحصول على غرفة شاغرة في مثل هذه الفترة… في السنوات الماضية.
مليون جزائري
أما النزل الذي يعمل فيه محدثنا فقد كان شاغرا لا يضم سوى أسرتين تونسيتين اختارت قضاء بضعة ايام في رمضان في النزل.
ولاحظ احد موظفي النزل ان التخفيضات بلغت 30 بالمائة للتونسيين والجزائريين في ذروة الموسم ومع ذلك فإن عدد العملة بالنزل الذي يعمل فيه اعلى من الحرفاء وهو يأمل في ان تتحسن الأمور بعد عيد الفطر خاصة ان المؤشرات ترجح قيام الاشقاء من الجزائر بحجوزات قصد إنقاذ الموسم وهناك حديث عن إمكانية الوصول الى نحو مليون جزائري يزور تونس خلال الصائفة الحالية.
وينتظر ان تشهد النزل حركية بعد العيد بفضل تمكين التونسيين والجزائريين من تخفيضات بـ30٪ ويؤمل في ان يكون للسياحة الداخلية والعمال بالخارج دور في إنقاذ جزء من الموسم السياحي وبالتالي موارد رزق الاف العائلات التونسية التي تقتات مباشرة او بصفة غير مباشرة من السياحة.
مجهود ولكن…
لكن هل يمكن ان ينقذ توافد الاشقاء من الجزائر المؤسسات السياحية؟ عن هذا السؤال أجابنا خبير في المجال السياحي ان تواصل تراجع وفود السياح ستكون له للاسف تداعيات على وضعية المؤسسات السياحية التي تعاني أصلا من صعوبات كبيرة بالاضافة الى ان موسم 2015 ستكون مؤشراته سلبية وبالتالي فمن الصعب إنقاذه. كما أن توافد السياح الجزائريين وحملة المساندة الكبيرة التي تقوم بها الشقيقة الجزائر حكومة وشعبا ستقلص من الازمة لكنها لن تكون قادرة على إنقاذ القطاع من هذه الصعوبات العميقة التي تتطلب مجهودات اكبر وحلولا أعمق.
أزمة
ما تعيشه الحمامات هو ذات الوضع الذي تعاني منه بقية المناطق السياحية العريقة في تونس ذلك ان نحو خمسة نزل أغلقت في جربة وسَرِّح عمالها الى جانب الوضع الصعب الذي تعيشه نزل اخرى على وشك الاغلاق وقد قدرت خسائر النزل هذا العام بأكثر من 600 مليون دينار مما يدعو إلى ضرورة وضع استراتيجية لسنتي 2016 و2017، لإنقاذ القطاع حتى لا تكون هذه الصعوبات وراء فقدان مئات الآلاف من مواطن العمل وهو ما قد ينعكس سلبا على الوضع الاجتماعي للبلاد.
تراجع
ـ تراجع اقبال السياح الفرنسيين على تونس بعد عملية سوسة بـ45.6 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2010
ـ تراجعت السوق الايطالية تراجعا حادا بلغ 78.4 بالمائة
ـ أما السوق الروسية فقد سجلت نسبة تراجع قدرت بـ70% ومازال تأثير ضربة 26 جوان الارهابية متواصلا
-تراجعت السوق الالمانية بـ 31.4% والسوق الانقليزية بـ27.9% إلى موفى جوان الماضي
بعد انقضاء شهر رمضان الكريم وانتهاء فترة الأعياد تحزم العائلات الجزائرية أمتعتها لقضاء العطلة الصيفية خارج الوطن ، ولا يختلف أصحاب الوكالات السياحية على أن تركيا سجلت أعلى معدل للحجوزات من قبل السائحين الجزائريين هذه الصائفة رغم ارتفاع أسعار تذاكر الطيران إليها وحجوزات الفنادق. وقال شريف مناصرة وصاحب وكالة تيمڤاد للأسفار ونائب رئيس نقابة الوكالات السياحية في اتصال بـ »البلاد » إن « تركيا » قد تصدرت الوجهات السياحية للسياح الجزائرين هذه السنة، حيث امتلأت حجوزات بعض الوكالات إلى هذه الوجهة منذ أفريل الماضي وهذا رغم ارتفاع تكاليف السفر نحوها حسب المتحدث، حيث تنطلق تكاليف الرحلة السياحية لمدة أسبوع مع الإقامة في فندق متوسط الجودة بإسطنبول من مبلغ 12 مليون سنتيم، في حين ترتفع التكلفة في المناطق الساحلية الجنوبية لتركيا في المتوسط وبحر ايجه، أين تبتدئ تكلفة أسبوع واحد في مدينة أنطاليا السياحية بنحو 19 مليون سنتيم مع الإقامة في فنادق 5 نجوم، وفسر المتحدث سبب تفضيل السياح الجزائريين لتركيا بأن الأخيرة زرعت لنفسها مكانة في السوق الجزائرية ويرجع الفضل في ذلك إلى شركة الطيران التركية « تركيش » التي توفر رحلات يومية إلى مطارات العاصمة ووهران وقسنطينة، إضافة إلى تلمسان وباتنة ونوه المتحدث إلى أن عدد السياح كان سيتضاعف لولا ارتفاع تكلفة السفر إلى تركيا، حيث يقدر ثمن تذكرة السفر إلى إسطنبول بما بين 7 و 8 ملايين سنتيم فيما تقدر قيمة التذاكر التي حجزتها الوكالات بـ5 ملايين سنتيم، وتأتي المغرب في المرتبة الثانية من حيث المقاصد السياحية للجزائريين رغم ارتفاع تكلفتها نسبيا مقارنة بالجارة الشرقية تونس، حيث لا تقل تكلفة التمتع في شواطئ مدينة أغادير على ساحل المحيط الأطلسي عن 15 مليون سنتيم، ويرجع ذلك حسب المتحدث إلى ارتفاع تكلفة النقل الجوي فيما تعمد بعض الوكالات إلى حجز رحلات نحو مدينة الدار البيضاء وبرمجة رحلات سفر برية إلى مدن الجنوب على غرار مراكش وأغادير، فيما لاحظ أصحاب الوكالات ارتفاع عدد الحجوزات إلى إسبانيا هذا العام ويرجع ذلك إلى المرونة التي أضحت تبديها قنصلية إسبانيا في الجزائر بالنسبة لعدد التأشيرات الممنوحة ، إضافة إلى انخفاض تكلفة الإقامة خصوصا في جنوب إسبانيا التي ترتفع في الجزر الإسبانية على المتوسط مثل ايبيزا وجزر البليار ومايوركا وكذلك جزرها على الأطلسي على غرار جزر الكناري.
تخفيضات غير مسبوقة لأسعار الفنادق في المدن التونسية
في المقابل، تشهد الوجهة السياحية التونسية أكبر حملة استقطاب للسياح الجزائريين في تاريخها وخفضت الفنادق أسعار الحجوزات إلى نحو 60 بالمائة من السعر المعتاد بعد إلغاء 70 بالمائة من السياح الأجانب خططهم للسفر نحو تونس وتعتمد في ذلك على استراتيجية تستهدف الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أين تنتشر مئات الإعلانات التي تروج للفنادق التونسية بأسعار جد تنافسية، وقال مناصرة إن أصحاب الوكالات السياحية تلقوا توجيهات بمنح الأولوية للوجهات السياحية التونسية هذا العام والترويج لها ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى تصريحات وزير النقل بوجمعة طلعي الذي قال إن وزارة بصدد إنشاء خطوط نقل عبر الحافلات مباشرة إلى تونس انطلاقا من محطات النقل البري ما بين الولايات الخاصة بالجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة،
واعتبر نائب رئيس نقابة الوكالات السياحية أنه من الصعوبة بما كان إحصاء عدد السياح الجزائريين الذين سيقضون صيفهم في تونس على اعتبار أن هنالك نسبة كبيرة من المواطنين خصوصا القاطنين بشرق البلاد يفضلون قضاء عطلتهم دون المرور على الوكالات السياحية بسبب القرب الجغرافي واعتيادهم على الأجواء هناك متوقعا ارتفاع عدد السياح الجزائريين إلى تونس هذه السنة. ونوه مناصرة في هذا الصدد إلى ضرورة اتخاذ احتياطات الأمان بالنسبة للمسافرين برا نحو تونس وعدم المخاطرة بتجاوز المعابر الحدودية إلى الداخل التونسي ليلا وذلك لتفادي مخاطر قطاع الطرق، مؤكدا أن السلطات التونسية تضمن أمن الطرقات نهارا بشكل جيد.
وبرز هذا العام ارتفاع الطلب على وجهات سياحية مثل مصر والأردن، ويقتصر الأمر على فنادق شرم الشيخ في شبه جزيرة سيناء وكذلك المحطات السياحية الواقعة على ساحل البحر الميت في الأردن، فيما تقهقرت مرتبة بعض الوجهات مثل ماليزيا وتايلندا.