يستهوي مشهد تناطح الكباش الكثير من الشباب الجزائريين، حيث أصبح البعض منهم يكرسونها كعادة تتجدد كل سنة باقتراب موعد عيد الأضحى، وبعد أن كانت تصنع الحدث في ثنايا الأحياء الشعبية انتقلت عدواها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بتناقل صور وفيديوهات لمصارعة الكباش.
« داعش » و »البغدادي » و »الحفار » و »تيغر » و »السوبابا » وغيرها من الأسماء، تطلق على كباش تتصارع وتتناطح لإرضاء أصحابها الذين يتباهون بفيديوهاتها وصورها أثناء المبارزة وينشرونها في الفضاء الأزرق بغرض الترويج لها، بحثا عن كبش منافس للقتال.
من الأحياء إلى الانترنيت
وتغيَرت المواقع التي اعتاد الشباب على زيارتها داخل الأحياء الشعبية العريقة بغرض حضور « الدقة » كما يحلو للبعض تسميتها، إلى مواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة عبر صفحات الانترنت، وأصبحت هذه المواقع، اليوم، تضرب فيها مواعيد المبارزات وتتناقل فيها فيديوهات المصارعات بين كباش ينحدر أصحابها من مختلف ولايات الوطن، على غرار، الجزائر، العاصمة وعنابة وسوق أهراس وبجاية وجيجل وغيرها، مثلما هو الحال بالنسبة لإحدى الصفحات التي أطلق عليها اسم « مصارعة الكباش في الجزائر » وأخرى « كباش المصارعة »، حيث ينشر فيها برنامج المواجهات الثنائية المرتقب إجراءها قبيل العيد في إطار دورة مصارعة وطنية، يشارك فيها كباش من مختلف ربوع الوطن وحتى من خارجه على غرار الأشقاء التونسيين.
مواعيد على « الفايسبوك »
وإن كان المتيمون بمصارعة الكباش، سابقا، يتنقلون في دوريات بين حنايا الأحياء الشعبية للبحث عن كباش المبارزة، فاليوم أصبحوا يستعملون مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم المقابلات، كحال الشاب « برهان » المعروف لدى معارفه باسم صاحب الكبش « بينازة » نسبة لاسم خروفه القصير القامة، ويسترسل برهان قائلا: « أستعمل صورتي الذاتية رفقة كبشي كرسالة أعبر فيها للأصدقاء المتيمين بتناطح الكباش على أن خروفي جاهز للقتال ».
وبالفعل كان لنا شرف حضور إحدى مبارزات « بينازة » ضد كبش ينحدر صاحبه من الحي الشعبي باش جراح بالعاصمة، حيث نظّم اللقاء عن طريق « الفايسبوك »، وجرى الاتفاق على موعد اللقاء ومكانه، ووقع الاختيار على إحدى ملاعب كرة القدم الذي تحول إلى ميدان قتال للكباش وامتلأ بجمهور غفير لحضور المبارزة التي تم الترويج لها عبر الفضاء الأزرق.
وها هو « برهان » يجر كبشه نحو وسط الميدان للدخول في غمار الصراع أمام عدسات التصوير التي سرعان ما بدأت في التقاط الصور، وما هي إلا لحظات حتى انطلق حوار التناطح بين الخروفين وثارت الثائرة وتطاير الغبار في أرجاء الميدان وتعالت أصوات وأهازيج المتفرجين، الذين تفاعلوا مع كل اصطدام بين الكبشين، اللذين خارت قواهما وهما يتراجعان للوراء، ومن ثم يندفعان صوب بعضهما للتناطح عشرات المرات.
وفي النهاية تم تحميل الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتهاطلت التعاليق وتباينت بين مؤيد يتباهى بها ومعاتب يرى أنها بدعة مست بسنّة سيدنا إبراهيم الخليل، قبل أن تتناقل عبر الأجيال وترسيخها في أوساط المجتمع الجزائري، وما يترتب عنها من إساءة إلى سمعة الإسلام والمسلمين.
« السيلفي » للتباهي بكبش العيد
مع رواج ظاهرة التقاط صور « السيلفي » باستعمال الهواتف الذكية في الأوساط الشبابية، اغتنم الكثير منهم فرصة العيد لالتقاط صور رفقة الكبش ذو القرون اللولبية، ومن تمّ نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي للتباهي بها أمام الأصدقاء، خاصة وأن سعر الخراف ذو القرون الكبيرة تباع بأسعار خيالية، مما يدل على الوضع المالي الميسور لصاحبها.
ولم تستثن هذه الصور والفيديوهات فئة الشباب فقط، بل لاقت رواجا من قبل رواد « الفايسبوك » من مختلف الأعمار وحتى الجنس اللطيف كان لهن نصيب من التعليقات والصور رفقة القرون الكبيرة واللولبية التي توحي بجاهزية الخروف على المبارزة، والذي يعرف لدى سكان الشرق باسم « الرقدن » أو كما يحلو للعاصميين مناداته بـ »الفحل » أو »أربعة دورو ».