صدّقوا أو لا تصدّقوا، فرنسا تريد من الجزائر أن تستورد منها ما لا يقلّ عن 20 ألف طن من التفاح، في وقت فجّر مرشح الرئاسة امانويل ماكرون قنبلة بين أحضان الفرنسيين وقال بأن بلاده ارتكبت « جرائم ضد الإنسانية » خلال استعمارها للجزائر!
هكذا انفضحت الحكاية، مقايضة وابتزاز ومساومة، وخلط بين السياسة والتجارة والاقتصاد وتنقل الأشخاص، فهل يُعقل أن يُمكن لأيّ جهة أجنبية أن تفرض على بلد آخر، حتى وإن كان شريكا، شراء بضاعة رغما عنه؟ وهل مثل هذه الممارسة يتضمنها اتفاق أو قانون؟
لكم تفاحكم، ولنا تفاحنا.. هكذا قال أحد الشيوخ البررة من الفلاحين الذين يؤمنون بمبدأ « الأرض لمن يخدمها »، وليس « الأرض لمن ينهبها »، وبدل أن ينشغل الفرنسيون بقنبلة مرشحهم للرئاسة، فإنهم راحوا يرمون على الجزائر « تفاحا » ويقذفونهم به، وإن كان المثل الشعبي الشهير يقول: « الحجرة من يد الحبيب تفاحة »!
لكن، هل يُمكن لفرنسا أن ترمي الجزائريين بتفاحة؟.. الإجابة، وردت ومازالت ترد على لسان الرسميين والسياسيين وأصدقائهم من الحركى والأقدام السوداء، الذين يدافعون عما يسمونه « الدور الإيجابي للمستعمر »، ويرفضون اعتراف « فافا » واعتذارها عن جرائم الاستعمار!
لقد أقام فرنسيون متطرفون الدنيا ولم يُقعدوها، كردّة فعل على خرجة ماكرون، وها هم الآن يُحاولون التشويش على « الحدث »، باختلاق « أزمة تفاح » بين الجزائر وفرنسا، الهدف منها، تحويل النقاش، أو ممارسة الابتزاز تحت مبرّر حماية المنتوج الفرنسي من التفاح حتى لا يبور ولا يفسد ويُرمى للأبقار!
لوبيات التفاح « النفـّاح » تكون وراء هذه الحكاية، ولعلّه من غرائب الصدف، أن يتزامن المطلب الفرنسي بشأن استيراد التفاح، مع الاجتماع الوزاري المشترك، الذي تناول ملف الاستيراد وناقش تحجيمه وإعادة ضبط قائمة السلع المستوردة وتلك الممنوعة من الاستيراد، وبينها الفواكه والتفاح الفرنسي طبعا!
هل الجزائريون يا ترى بحاجة إلى تفاح فرنسي؟ ألا يكفينا تفاح باتنة الأحمر والأصفر؟ هل يُمكن أن يُرغم التاجر زبونه على دخول محله بـ »السّيف »؟.. الظاهر أن قرار وزارة التجارة بتنظيم رخص الاستيراد ومحاربة « مافيا » استيراد-استيراد، أوجع أطرافا عديدة، بينها من هم مستفيدون هنا كما في فرنسا، ولذلك تحركوا للضغط وليّ الذراع!
مبدأ « رابح-رابح » أوسع وأهمّ من تفاحهم، والأولوية لاستهلاك تفاحنا، وإذا كان تفاحهم يُحيي ويُميت، فعلى منتوجنا نحيا وعليه نموت!