تستغلّ عصابات تزوير الأوراق النقدية التجمعات البشرية، خاصة مع اقتراب مناسبة عيد الأضحى المبارك، لغرض تمرير النقود المزورة، فيُكثف المزورون نشاطهم بأسواق بيع المواشي وأسواق السيارات وأيضا بمحطات توزيع الوقود، والخطير في الموضوع، أن الأوراق النقدية المزورة أصبحت متداولة وبطريقة عادية حتى داخل بعض مراكز البريد، بسبب غياب آلات كشف العملة المزورة أو بتواطؤ من موظفين، والظاهرة تجعل جميع الجزائريين معرضين لتهمة طرح أوراق نقدية مزورة للتداول،
يتسلّم كثير من الجزائريين أوراقا نقدية مزورة، سواء في عمليات تجارية أو من مراكز بريد، وبمجرد إقدامهم على قضاء حاجة بالنقود، ويكتشف مُتسلم الورقة النقدية تزويرها، يودع شكوى لمصالح الأمن ضد المواطن، ليتم سماع الأخير وإعداد محضر ضده ويُحال على المحاكمة، مواجها عقوبة تتراوح بين 6 أشهر وعام حبسا نافذا أو موقوف النفاذ، وفي حال تمكن من تقديم دليل حول تسلمه المال المزور من جهة معينة، يستفيد من البراءة .
والسؤال المطروح، في حال لم يُثبت المواطن براءته ونال حكما قضائيا أو غرامة مالية، فأي جهة ستتحمل مسؤولية توريط شخص بريء قضائيا؟ وفي هذا الصّدد، وجد مصور جريدة « الشروق » المدعو « ي، أ » نفسه في رحلة ذهاب وإياب إلى مركز الشرطة لسماع أقواله، بعدما تسلم ورقة من فئة 500 دج مزورة من مركز بريد بالعاصمة، فالمعني بعد سحبه المال توجه مباشرة نحو محطة الوقود ببلدية الأربعاء وسلّم العامل الورقة النقدية المسحوبة من البريد، ليتفاجأ بأنها مُزوّرة، العامل اتّصل مباشرة بمصالح الأمن، التي ألقت القبض على المُصوّر، وبعد تفتيشه وسماع أقواله على محضر أطلق سراحه، ليحال لاحقا على المحاكمة.
ولانتشار الظاهرة، وتجنبا لتضييع الوقت في المحاكم أو تفاديا لظلم إنسان بريء، يتفادى كثيرون ممّن يتسلمون أوراقا نقدية مزورة الاتصال بالشرطة، بل يعيدونها لصاحبها، (نوال) من العاصمة، عندما أقدمت على إيداع مبلغ مالي تسلمته بعد بيع سيارتها، ببنك التنمية المحلية، اكتشف الموظف تزوير ورقة 1000 دج مزورة، فسحبها وطلب منها أخرى سليمة، دون إيداعه شكوى، أما (محمد) فتم اكتشاف حيازته لورقة 2000 دج مزورة عندما سدد الشطر الأول لمسكن عدل، فأعيدت له…والحاجة « مريم » اكتشف ابنها وجود ورقة 2000 دج مزورة ضمن مبلغ التقاعد الذي سحبته من مركز البريد.
وفي هذا الصّدد، تأسّف الخبير في الاقتصاد فارس مسدور للظاهرة، مُعتبرا أنه يفترض على الدولة توفير أجهزة كشف التزوير عبر جميع مراكز البريد الصغيرة والكبيرة، خاصة وأن هذه الألات تطورت كثيرا، فتوجد آلات تحسب المال وتكشف التزوير، كما حمّل بعض الأطراف التي وصفها بـ »الفاسدة » مسؤولية تمرير العملة المزورة بالبريد، وحسبه « بعض الموظفين يُمرّرون عمدا ورقة أو اثنتين مزورتين، أما موظفون أخرون فحتى لو اكتشفوا وجود ورقة مزورة فيدخلونها في الحساب، تجنبا للمشاكل وغير أبهين بخطورة الأمر على المواطن.
واقترح مسدور أن يتم سحب الأوراق من فئة 1000 و2000 دج وتعويضها بأخرى غير قابلة للتزوير، وهذا للارتقاء بعملتنا الوطنية.
ومن جهة أخرى، أكد المحامي بمجلس قضاء الجزائر ابراهيم بهلولي أن حيازة الأوراق النقدية المزورة تختلف عقوبتها من جنحة عرض أوراق نقدية مزورة للتداول أو استعمال المزور إذا كان المبلغ بسيطا، وعقوبتها بين 6 أشهر وعام حبسا نافذا، وغالبا البراءة في حال الكشف وبالدليل عن مصدر الأموال، وبين جناية تكوين جمعية أشرار غرضها التزوير واستعماله في أوراق نقدية، وتصل عقوبتها حتى السّجن المؤبد، وذلك بعد ضبط أدوات التزوير لدى المتهمين.
والسؤال المطروح، يقول المحامي « كيف لمؤسسىة عمومية تابعة للدولة أن تمرر أوراق نقدية مزورة عن جهل أو قصد، هذا عيب وعار في جزائر 2016، فالمفروض أن تزود جميع مؤسسات الدولة المالية بأجهزة حديثة لكشف التزوير، ليطمئنّ المواطن ».
كما طالب المحامي بفتح تحقيق، بمجرد ورود شكوى من أي مواطن حول تسلمه ورقة نقدية مزورة من مركز بريد، وحسبه « قد يتورط بعض الموظفين في تمرير الأوراق عمدا، فيسلمون المزورة للمواطن، ويضعون السليمة في جيوبهم، في غفلة من مسؤوليهم ».