بداية أود أن أوضح أمرا مهما هو أن وحدة الأمة الجزائرية أمر مفروغ منه، أمر تقرره الأبحاث في الأركيولوجيا والأنثروبولوجيا والتاريخ والسوسيولسانيات، وليس المقام هنا للتنظير.
الأمر الثاني هو أن محاولة خلخلة النسيج الاجتماعي الجزائري باللعب على ورقة اللإثنية والجهوية هي لعبة أتقنها المستعمر وورثها عنه المخذولين من عديمي الوطنية ومثال ذلك تخوين سكان منطقة القبائل هذه المنطقة المهمة من الجزائر والتي عرفت بوطنيتها اللامحدودة وكذا بنضالها ضد استبداد المستعمر العثماني والفرنسي وكذا وقوفها لوحدها في أغلب الأحيان في وجه تعسف ودكتاتورية السلطة خلال مرحلة الدولة الوطنية منذ السنوات الأولى للاستقلال إلى يوم الناس هذا.
إن الشعب الجزائري ومن خلال ثورته السلمية الداخلة على شهرها الثالث أعطى للعالم قبل السلطة المركزية درسا واضحا في الوحدة والالتحام، وحدة لم تأتي عبثا، بل نتيجة لسيروة سوسيو-تاريخية صهرت مكونات هذه الأمة في جسد واحد، هذا الشعب الذي لن يقبل بديلا عن جمهورية جديدة لجميع الجزائريين فيها يحترم « الإنسان »، في دولة تحتفظ بنفس مسافة العدل اتجاه جميع مواطنيها بغض النظر عن تنوعاتهم وخلفياتهم الثقافية اللغوية والأيديولوجية. لكن يبدو أن هذا الحلم في بناء الجزائر الموحدة في تنوعها والغنية باختلافها يزعج البعض الذين لا يرون أنفسهم ألا رعايا ضمن دولة الظلم والقهر والجور وتكميم الأفواه وقتل التنوع والاختلاف.
ودون أطالة نلج في موضوع الوسم والعنوان وهو أسطورة الزواف والتي ملأت الساحة الفايسبوكية والاعلامية موخرا بجعجة دون طحين فمن هم الزواف يا ترى؟
إن إرجاع الأحداث إلى سياقها التاريخي يعتبر أولى خطوات الفهم السليم، فمن المعروف أن السلطة الاستعمارية الفرنسية ورثت في السنوات الأولى من الاستعمار على تنظيمات إدارية عثمانية كنظام الڨايد الزواف والصبايحية وغيرها من ابناء جلدتنا المسلطين على رقابنا من طرف الاستعمار، ولعل أهم ما ورثته فرنسا على العثمانيين هو سياسة فرق تسد عبر ضرب الجزائري بيد الجزائري
تعريف الزواف:
عبارة عن فرقة من المشاة تنتمي لجيش افريقيا التابع لجيوش الأراضي الفرنسية تأسست سنة 1830 إلى غاية 1962 ثم أعيد إنشاؤها سنة 1982 إلى غابة 2006.
فما دخل القبائل (الزواوة) بهذه الفرقة يا ترى؟
بتاريخ 23 جويلية 1830 أي بعد تسليم الداي لمدينة الجزائر ببضعة أيام خرج الكونت دي بورمون (De bourmont) (قائد الحملة الفرنسية على الجزائر) الى البليدة برفقة 1200جندي و100 فارس ومدفعيتين ليصتدم بأول مقاومة شعبية جزائرية بقيادة الزعيم ابن زعموم وهو كبير قبيلة فليسة من منطقة القبائل، والتي انتصرت عليه ليضطر للانسحاب إلى العاصمة المحتلة في 25 جويلية من نفس العام بعد فقدانه ل60 جنديا.
بعد هذه المعركة والتي انهزم فيها قرر الكونت دوبرمون الاستفادة من خبرة العثمانيين الذين حكموا البلاد.بقبضة من حديد لمدة ثلاثمائة سنة. واثناء بحثه في الاستراتيجية العثمانية وجد حوالي 500 جندي مرتزق بالعاصمة ممن كانوا في خدمة الداي والذين ينحدرون من منطقة القبائل وغيرهم من الأهالي دون التفرقة بين سكان المدن و الأرياف، عربا كانو أو قبايل أو كراغلة.
وفي الفاتح من اكتوبر سنة 1830 قام الجنرال كلوزيل (Clauzel) بإنشاء وحدة الزواف (le corps des zouaves) والتي ضمت إلى جانب المرتزقة من الأهالي الذين أشرنا إليهن سابقا جنودا فرنسيين (الحراس السابقين لقصر الملك شارل العاشر + عناصر ثورة 14جويلية الذين كانو يجوبون شوارع فرنسا بالمظاهرات وكان عددهم يزداد كل يوم حتى هددوا الاستقرار في فرنسا فقامت الحكومة الفرنسية بارسالهم الى الجزائر للعمل كمجندين في صفوف منظمة الزواف لابعاد خطرهم ) شكلوا الاغلبية في كتيبة أطلق عليها اسم الزواف، كما قام بتقسيمها إلى كتيبتين للمشاة منفصلتين ،بحيث كانت كل كتيبة تضم 06 سرايا تضم في مجموعها 397 بين ضابط وجنود وقام باسناد قيادة الكتيبين الى كل من النقيب موميل ودوفيفيي.
ومع انضمام الكثير من سكان الجزائر العاصمة لهذه المنظمة والكثير من المرتزقة الاوروبيين أسبان ومالطيين وغيرهم وظهور مشاكل بين صفوف المنظمة على اساس الاختلاف في الدين والعادات قررت الإدارة الاستعمارية وفق المقرر الصادر يوم 8 سبتمبر 1841 توقيف تجنيد الأهالي داخل منظمة الزواف.
ليستمر الأسم وتختلف التركيبة داخل المنظمة. بل أنه أثناء الحرب بين الشمال والجنوب في الولايات المتحدة الامريكية قامو بتأسيس منظمة اطلقوا عليها اسم زواف وترتدي نفس اللباس من اللباس التقليدي الجزائري.
على كل بعد نظرة موجزة في تاريخ ما يسمى بالزواف فكيف بالله عليك يا اخي الجزائري، بسبب خيانة 500 فرد ولنقل كان أغلبهم من منطقة زواوة ترمي بتاريخ منطقة تاريخ حافل بالبطولة والمقاومة منذ اللحظة الأولى التي وطأ فيها الاستعمار الفرنسي قدمه بأرض الطهر الجزائر من مقاومة الشيخ بوبغلة، المقراني ولالا فاظمة نسومر وغيرهم وأثناء ثورة التحرير التي لم تسلم فيها قرية من قرى منطقة القبائل من قصف وقتل وتهجير.
وأخيرا أريد أن أذكر أن هدفنا هو رحيل نظام جثم على صدورنا وحطم ٱمالنا وفرق بيننا وبناء جزائر جديدة تسعنا جميعا رغم تنوعنا.
الله يرحم الشهداء وعاشت الجزائر حرة ديمقراطية.
مراجع
Bruno Carpentier, la légende des zouaves ED. SOPAIC
Jean François Carreau, militiria n 129 et 197 histoire et colkection.
بقلم ماسين بن غالية