كشفت لنا جولة في بعض أحياء العاصمة تفاوت اهتمام الرأي العام بالموضوع، فبينما انتقد الغالبية القرار لأن العربية لغة القرآن، وتعلّم أصولها سيساعد أبناءهم على القراءة والحفظ الصحيح للقرأن، مؤكدين أن العربية أم اللغات، والدليل مساهمة كثير من علماء العرب في تطوير البشرية باختراعات ونظريات غيّرت التاريخ، وحسبهم، العربية الفصحى من الأَوْلى تدريسها في أطوار متقدمة من التعليم، ليسهل ترسيخها في ذهن الطفل، لأن (التعليم في الصغر كالنقش على الحجر) حسب قول أحدهم، كما تساءلوا عن جدوى تدريس العامية في المدرسة، ما دام الأطفال يعرفونها في البيت، وأبدوا خشيتهم من أن ينعكس ذلك على المستوى التعليمي والتحصيل الدراسي فيتدهور أكثر وأكثر.
أما آخرون، خاصة الأمهات اللواتي لديهن أطفال يدرسون التحضيري أو الابتدائي، فأعطيْن الأولوية لرفع مستوى أبنائهن، أكثر من اللغة التي يتحدثون بها، « مريم. ب » والدة لـ3 أطفال، أكدت أن غالبية دور الحضانة ومدارس التحضيري التي تنقّل بينها أولادها علمتهم بلغة أقرب إلى « العامية » لمساعدتهم على الفهم، وهذا الأمر لم يُعق نجاح أبنائها في الدراسة حسب تعبيرها.. فيما تحدثت فئة أخرى عن إجادة معظم الأطفال للعربية الفصحى وحتى للغة الفرنسية قبل دخولهم المدارس، ولا معنى لـ »الضجة » المثارة حول الموضوع حسبهم، ولفت بعض من تحدّثنا معهم انتباهنا إلى مواضيع اعتبروها أكثر أهمّية من موضوع »العامية »، ومنها محاولة وزارة التربية تحويل مواد اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا من مواد أساسية إلى ثانوية بالنسبة للشعب العلمية، وهو ما اعتبروه « تجهيلاً » لأبنائهم، وجعلهم يهجرون هذه المواد مستقبلا..
كما حجزت اللغة الانجليزية مكانا لها في تفكير الجزائريين، منذ بدء الحديث عن « العامّية »، فتساءل المواطنون، مادامت بن غبريط تعتبر العربية « صدمة » للطفل في بداية مشواره الدراسي، فماذا عن الفرنسية التي تُدرَّس لهم في الثالثة ابتدائي، وهي لغة معروفة بصعوبتها؟ وحسب تعبير « رابح » موظف في مؤسسة خاصة « غالبية التلاميذ وإطارات الجزائر ضُعفاء في الفرنسية.. وأكثر الدول المتخلفة تتكلم الفرنسية.. فمادامت هذه اللغة لم تأت بنتيجة على مرور أجيال من تعليمها، على الدولة التفكير في استبدالها بالإنجليزية كلغة أجنبية أولى، وهي متطورة على الفرنسية بأشواط ولغة التكنولوجيا ». وتساءل آخرون عن معنى تصريح الوزيرة بن غبريط تدريس الشعر الملحون لتلاميذ الابتدائي؟ هل سيدرس ابني أغنية الراي، والشاب خالد؟ يعلق « كريم » مستهزئا.. ما يحتاج إليه أطفالنا حسب رأي المواطنين، دروس عن الثقافة المرورية، ونظافة المحيط، والتسامح بين الجزائريين.. وليس الشعر الملحون.
كما شكّل تصريح بن غبريط حول إلغاء الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، تحت ذريعة محاربة العنف لدى التلاميذ ردود أفعال غاضبة « إذا لم نأخذ الدروس والعِبر من القرآن الكريم، من أين سنستمدها؟ » يعلق بعض المتحدثين.