لم يصدق وزير التجارة أحمد الساسي، ما وقف عليه يوم الخميس 27 يوليو بمصنع فولكس فاغن، بالمنطقة الصناعية سيدي خطاب بغليزان، عندما وجد نفسه داخل مستودع كبير يحتوى على بعض العتاد البسيط ومجموعة من الشباب يركبون العجلات.
وقال مصدر قريب من الملف، إن الوزير أحمد ساسي عبد الحفيظ، أبلغ الوزير الأول عبد المجيد تبون، بجميع تفاصيل الفضيحة، ليقرر على أثرها تكليف المديرية العامة لرقابة وقمع الغش بالشروع الفوري في إجراء تحقيق معمق حول وجهة المزايا والإعفاءات التي استفادت منها مصانع تركيب السيارات وأسباب غياب اثر ذلك على الأسعار النهائية للسيارات التي تركب في الجزائر.
وعبر أحمد ساسي عبد الحفيظ، عن موقف الحكومة الرافض لهذه الممارسات الإجرامية في حق الاقتصاد الوطني وعدم الاحترام الصريح لمؤسسات الدولة وللمواطنين، قائلا: “أريد أن أؤكد شيئا أن اتجاه الحكومة الجزائرية في دعم الصناعة الميكانيكية للسيارات إن كان في مرحلته الأولى قد وضع بمفاهيم معينة، أصبح الآن من الضروري لتدعيم هذه الصناعة وحتى نبقى في اتجاه ما تريد تحقيقه الجزائر بشراكتها الناجعة مع مجمع فولس فاغن هو تخطي مرحلة ثانية وفي أقرب الآجال الممكنة”.
وأضاف الساسي عبد الحفيظ، “إن اقتناع الحكومة بأن تحقيق الأهداف المسطرة لهذه الصناعة سيتحقق مرحليا، فإنه على مجمع سوفاك وعلى مجمع فولكس فاغن توضيح هذه الخطوات التي نأمل من خلالها توسيع رقعة تصنيع السيارات وليس تركيبها”.
وطالب الوزير بإسم الحكومة، بضرورة إسراع فولكس فاغن، بتوضيح نيتها في الاستثمار الحقيقي والفعلي بالجزائر، وإثبات جدارته أنه سيكون حليفا وشريكا مع الحكومة الجزائرية وتعزيز صناعة السيارات وجعل من الجزائر منطلقا حقيقيا من خلال، أولا اكتساب مهارات التصنيع والتكنولوجيا وثانيا لتوسيع رقعة هذا القطاع وثالثا لجعل الجزائر مصدرا لهذه سيارات”، مضيفا “أن رقم الأعمال الذي حققته فولكس فاغن في الجزائر خلال السنوات الماضية كافيا ليكون بالنسبة لنا حافزا للصعود إلى مرحلة أخرى من التصنيع وفرصة أخرى لخلق مناصب الشغل”.
وتأكد وزير التجارة أن الإعفاءات الجمركية والضريبية والتسهيلات التي منحت لهذه الشركات حولت عن وجهتها ولم يستفيد منها المواطن الجزائري ولا الاقتصاد الوطني.
وقال مصدر مختص، إنه لا يعقل مع إلغاء جميع الرسوم والضرائب على السيارات المركبة محليا، تضاعفت أسعارها مرتين إلى ثلاث مرات. مضيفا عندما كان الوكلاء يستوردون السيارات للبيع على حالتها من الخارج كان سعرها لا يتعدى في أسوأ الحالات 60 إلى 70% الأسعار المطبقة حاليا، وهو ما دفع الحكومة إلى مراجعة الأمر وإعادة فرض جميع الرسوم والضرائب وإلغاء جميع الامتيازات التي منحت في هذا المجال بعدما تبين أن الشركات المعنية تقوم في الحقيقة باستيراد السيارات جاهزة داخل حاويات، وأن ما تقوم به هو مجرد تركيب العجلات ثم طرحها في السوق على أساس أنها إنتاج محلي.
وتؤكد هذه الفضيحة استفادة هذه الشركات من وجود حماية في وقت سابق على مستويات عليا في الدولة، مما مكنها من التحايل على الضرائب والجمارك والبنك المركزي لتهريب العملة الصعبة إلى الخارج وعدم إقامة استثمارات حقيقية على الأرض.
يذكر أن حكومة الوزير الأول عبد المجيد تبون، غير متحمسة لفكرة صناعة السيارات بالشكل التي عليه حاليا، حيث قررت سحب دفتر الشروط الذي أعده وزير الصناعة السابق، وهي الآن بصدد أعداد دفتر شروط جديد يسمح بضمان مصالح الجزائر في هذا المجال.