سيكون سهرة اليوم منتخبنا الوطني على موعد مع التاريخ، حيث سيحمل آمال وتطلعات شعبا يتوق لعيش لحظات تاريخية واحتفالية، سبق له معايشتها في ثلاث مناسبات سابقة منذ الاستقلال، حيث يراهن كل الجزائريين على براعة وقدرات رفقاء مجيد بوقرة لترويض الخيول البوركينابية وتجسيد حلم المشاركة في المونديال، وارتداء حلة الممثل الوحيد للكرة العربية كما كان عليه الحال في مونديال بلد العم مانديلا قبل ثلاث سنوات. موعد ضبطت عليه عقارب ساعة الجزائريين منذ موقعة واغادوغو، أين خسرت كتيبة وحيد حليلوزيتش بثلاثية لهدفين، وبقرار من حكم منح الخيول أفضلية هدف ثمين، كل الآمال معلقة اليوم على تداركه مبكرا، للرمي بالضغط إلى معسكر المنافس وتفادي تسلل الشك إلى نفوس لاعبينا، المطالبين باستحضار جميع عوامل النجاح، و تخطي عائق عدم الجاهزية بالعطاء دون حساب والتحلي بالوطنية والشجاعة، لأداء المهمة وإسعاد الجماهير التي اكتشفوا في غير ما مناسبة تعلقها ببلدها ومنتخبه واستعدادها لرفعهم إلى عنان السماء، وجعلهم نجوما يتساوى الكبير والصغير في التغني بإنجازاتهم.
“الكوتش” أمام ساعة الحقيقة
مباراة اليوم هي نهائي بكل ما يحمل المصطلح من معنى، أهميتها فرضتها ظروف لقاء الذهاب وجعلتها تكسب ولا تلعب، كلمة السر فيها تختصر في الانتصار، النتيجة الوحيدة الكفيلة بإسعاد الملايين ورفع صانعيها إلى مصاف النجوم والأبطال، وعلى النقيض من موقعة واغا التي لعبت في ظروف استثنائية أبرزها ظلم الحكم الذي سرق الأضواء من الجميع وحدد نتيجتها النهائية، سيكون الأمر مختلفا اليوم في ملعب مصطفى تشاكر الذي يعد مقبرة الكبار، فعلى أرضيته صنعت ملحمة التأهل إلى مونديال 2010، وولد نجوم لا زال يتغنى بأمجادهم الجزائريون إلى اليوم، كما سقط على عشبه عمالقة القارة في صورة مصر وزامبيا والدور اليوم على الخيول، لكن قبل ذلك على “الكوتش وحيد” إيجاد الخلطة المناسبة، بداية بحسن اختيار اللاعبين القادرين على إحداث الفارق ودك الحصون البوركينابية، مرورا بهندسة الأداء التكتيكي الملائم لقدرات لاعبينا ونقاط قوة وضعف المنافس، وصولا إلى تحفيز اللاعبين وتحميسهم ودفعهم إلى إخراج كل ما بجعبتهم، لأن “الربان” وحيد يحتاج اليوم إلى محاربين يتمتعون بأعصاب من حديد، سيما والناخب البلجيكي بول بوت أعلن لحظة وصول منتخبه ” المنتخب الجزائري يمتلك أفضلية الخبرة ويتنافس على التأهل للمرة الرابعة للمونديال. لاعبوه سيعملون على تحقيق التأهل وإذا نجحوا في ذلك ، سيكون الأمر عاديا. أما نحن فلم نصل بعد لهذا المستوى”، تصريح يحمل الكثير من الدبلوماسية ويهدف إلى إبعاد الضغط عن لاعبيه الساعين إلى دخول التاريخ، من خلال بحثهم عن منح الخيول تأشيرة أول مشاركة في أكبر وأهم مسابقة كروية.
معركة فنية تكتيكية تحتاج لاعبين بأعصاب من حديد
معطيات توحي بحضور معركة تكتيكية بين خبيرين في عالم التدريب، وصراع رجال فوق المستطيل الأخضر، يرتقب أن يلجأ خلاله باكارا كوني ورفاقه إلى استعمال الطرق المشروعة وغير المشروعة للنيل من معنويات رفقاء فغولي و إخراجهم من المباراة، سيما وسيناريو لقاء رواندا لا يزال عالقا بالأذهان، ما يحتم على دوليينا عدم الرد على الاستفزازات والانشغال بالكرة وكيفية إيداعها شباك بوركينافاسو.
ولئن كان الناخب الوطني الذي استفاد من قرابة أسبوع لإعداد كتيبته سيراهن حتما على الورقة الهجومية، فإن مفاتيح التأهل تتعدى ذلك إلى الانضباط التكتيكي واللعب برجولة وتضامن كبيرين، مع ضرورة التعامل مع لاعبي المنافس بحذر ومراقبة نجومه ومفاتيح لعبه وعدم منحهم الحرية والمساحات.
وتفاديا لأي طارئ تفادى الناخب الوطني كثرة التغييرات، وراهن على تغييرين تكتيكيين بإقحام فوزي غلام وياسين إبراهيمي ضمن التشكيلة الأساسية، لحاجة الخضر لكرات غلام العرضية ونزعته الهجومية، وقدرة وبراعة إبراهيمي على التوغل وتنشيط الهجوم، وبالمرة صناعة الفارق أمام منتخب بوركينابي توحي كل المعطيات بأنه سيعمد إلى التكتل في الخلف وغلق جميع المنافذ والمساحات.
والأكيد أن لاعبينا سيكونون أمام اختبار عسير، النجاح فيه مرهون بمدى قدرتهم على التحمل وحسن التعامل مع جميع السيناريوهات، سيما وفي الجهة المقابلة يقف فريق محترم سيدخل المباراة في ثوب نائب بطل القارة، كما أن بلوغه الدور الحاسم على درب التأهل إلى المونديال زاد من حماس وعزم لاعبيه على قيادة منتخب بلادهم لإنجاز تاريخي بتأهلهم لأول مرة إلى المونديال.